سعاد خيري
دحضت هذه الازمة العامة المحتدمة التي يمر بها النظام الراسمالي كل التيارات الايديولوجية للراسمالية العالمية والتيارات الفكرية والنظريات التي ابدعها اقدر مفكريهم وادواتهم من انتهازيين وتحريفين. مثل نهاية التاريخ ودوام النظام الراسمالي ومقدرته على حل جميع مشاكل البشرية وتعميم الحريات وحقوق الانسان ونهاية الحركة الشيوعية والماركسية. فبعد ازمات قطبها الاكبر، الامبريالية الامريكية ، السياسية بارجاع البشرية قرن الى الوراء باستخدامها الحروب وسيلة لاحتلال البلدان التي لاتخضع لهيمنتها ونهب ثرواتها، الى ازماتها الاخلاقية وما تقترفه من جرائم بحق الشعوب والبشرية عامة من استخدامها لاخطر اسلحة الدمار الشامل وافضع اشكال التعذيب في سجونها المنتشرة في الكثير من دول العالم، وتكشف حقيقة دعواتها لنشر الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان بما حققته في العراق وافغانستان من تدمير لكل اسس التحضر فيهما وتمزيق كل تلاحم وطني وانساني وقتل كل طموح علمي واعادتهم قرون الى الوراء. تأتي بعد كل هذا باخطر ازمة اقتصادية مر النظام الراسمالي بها وما يرافقها من ازمات تطحن البشرية . فهي وان جاءت وفقا لدورات النظام الاقتصادية التي اكتشفتها الماركسية الا انها تتميز بعمقها وشموليتها واثارها المدمرة. فقد كشفت الماركسية عن القوانين الاساسية للراسمالية التي تحتم احتدام ازماتها المؤدية حتما الى نهاية علاقات الانتاج الراسمالية. كما اكدت الماركسية على ان نشوء النظام الراسمالي وتطوره كضرورة موضوعية لخدمة تطور البشرية وحتمية زواله بعد انجاز دوره التاريخي، ويصبح عائقا امام تطوره. اذ لم يكن آنذاك قد اتضح ما يشكله بقاء النظام الراسمالي المتهريء من خطر على البشرية جراء غياب القيادة الثورية الذي لم يكن واردا ايضا . وكما اكدت الماركسية فان النظام الراسمالي لا يسقط تلقائيا مهما تهرأ ومهما تعاظمت مخاطره على البشرية دون تطور وعي البشرية وتطوروحدتها وتنظيمها ومقاومتها له ولجميع ادواته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الوطني والعالمي.
نعم ان الازمة العامة المحتدمة التي يمر بها النظام الراسمالي العالمي اليوم تعيد الثقة بالماركسية كنظرية علمية ثورية متطورة وفقا لنهجها المادي الديالكتيكي تسلح عموم البشرية ولاسيما الطبقة العاملة بالوعي العلمي بالقوانين الاساسية للنظام الراسمالي وكنه ازماته وخواء جبروته وحتمية زواله. تسلحها بالاستراتيجية الوطنية والعالمية التي تمكنها من تحديد عدوها الرئيس وسط الملايين من الاعداء الذين اختلقتهم ماكنة النظام الراسمالي لتضليل البشرية والشعوب لقتل وعيها وارعابها وتيئيسها وبعثرة طاقاتها وحرف اتجاه مقاومتها عنه، باعتباره العدو الرئيس للبشرية عامة ولكل شعب خاصة. فلمصالح اقطابه تشن الحروب لاستعباد الشعوب ونهب ثرواتها ولاعادة اقتسام العالم فيما بين اقطابه كلما اختل توازن القوى فيما بين اقطابه . وتنظم وتدرب وتمول مختلف المنظمات الارهابية والجريمة المنظمة لارعاب الشعوب وتركيعها . ولاادامة هيمنته تشجع مختلف وسائل وادوات تمزيق وحدة الشعوب كالتفرقة العنصرية والقومية والطائفية وتشكيل مختلف الاحزاب والقيادات الدينية المتطرفة والحركات الاصولية . و تؤكد الماركسية على ضرور تعرية ودحض كل النظريات والتيارات الاصلاحية والمضللة والمبعثرة للطاقات الوطنية والعالمية . فبدلا من تجريم الحكومة الامريكية التي تعمل على نهب وتسخير كل احتياطي الشعب لانعاش الشركات والبنوك المفلسة، وتحميل الشعب الامريكية المزيد من الازمات استنفرت الادوات الايديولوجية والاعلامية لتضليل الشعب الامريكي باعتبار انقاذ الراسمال المهيمن، انقاذ للوطن والمجتمع، وتحت هذا الشعارالمضلل مرر الكونغريس الامريكي جريمة نهب ثروات الشعب الامريكي . بل ويذهب بعض مفكري البلدان التابعة الى تفضيل قطب راسمالي على اخر ويذهب في دعمه ليس للاستفادة من التناقضات بين الاقطاب الراسمالية لدعم القضايا الوطنية والعالمية وانما ليبرر حتى افناء دول من الوجود!! وذهب اخرون الى استبدال ادوات الهيمنة الراسمالية مثل الدولار باليورو للتحرر من الهيمنة الراسمالية وازماتها، والتي لم تؤد الا الى التحرر من احد اقطابها والارتماء باحضان قطب اخر او العودة الى الذهب وهو الاب الشرعي لمختلف النقود . كما دعى اخرون الى زج راسمال دول الخليج لشراء الاصول المفلسة كوسيلة لدحر التمييز ضد العالم الاسلامي!!. واخر يقلل من تأثير الازمة على هيمنة وجبروت النظام الراسمالي، وانها ستمر كما مرت عشرات الازمات الراسمالية السابقة، لتثبيط الهمم وتفويت فرص الاستفادة مما يعانيه قطبها الاكبر من ارباك لتحقيق اهداف وطنية، اراد ام لم يرد . ويذهب اخرون من باعة الوطن والضمير الى تجاوز كل ما يمت بصلة للازمة وكانها لم تكن، لتمرير المشاريع الاستعبادية على شعوبهم. فالزيباري يهدد الشعب العراقي اذا ما رفض التوقيع على الاتفاقية الاستعبادية لادامة الاحتلال الامريكي ونهبه لثرواتنا بالطلب من مجلس الامن لتمديد التفويض الممنوح للقوات الامريكية، أي لادامة الاحتلال. بالوقت الذي لم تجرأ حتى الادارة الامريكية على طرح ذلك لما قد يعترضه من رفض الاقطاب المزاحمة في مجلس الامن للطلب نتيجة احتدام الصراع بينها وبين الاقطاب الاخرى مستغلين تضعضع مواقعها وتخبطها في الازمة . فلجأت الى اجراء بعض التعديلات اللفضية المضللة لنص الاتفاقية لتمريرها بتعديل "الافق الزمني" للاتفاقية الذي ليس له حدود "بالانسحاب بعد عام 2011" غير المحدد فكل القرون تأتي بعد 2011 .
)منقول)
ان الماركسية اليوم اكثر صدقية وقدرة وموضوعية من أي وقت مضى لتوجه كل شعب وعموم البشرية لاستثمار الازمة العامة المحتدمة للراسمالية التي هزت اركان النظام الراسمالي السياسية والعسكرية والايديولوجية ، ولتعزز ثقة كل شعب بقدرته بوحدته ونضاله من اجل تحقيق اهدافه الانية وربطها باهدافه الاستراتيجية وبوحدة البشرية وتحقيق اهدافها والماركسية تؤكد بان الشعوب والبشرية عموما هي صانعة التاريخ