ملخص محاضرة بعنوان (لماذا لست مسيحيا؟) ألقاها عام 1927 في أحد مؤتمرات المنظمة العلمانية البريطانية في لندن.
مترجمة عن اللغة الألمانية.ترجمة: قصي عبد الرحمن (Chajjam)
لماذا لست مسيحيا؟؟؟
برتراند راسل
كما سمعتم فإن الموضوع الذي سأتحدث به اليوم هو : لماذا لست مسيحيا؟
لا اقصد بالمسيحي ذلك الشخص الذي يحاول العيش ، حسب قدراته العقلية (أي حسب مفاهيمه العقلية)، بشكل محترم. حسب مفهومي فإن الشخص يجب أن يكون
حاملا بدرجة معينة لأفكار دينية قبل أن يُطلق عليه لقب : مسيحي. طبعا فإن كلمة مسيحي اليوم لا تحمل نفس المعنى الذي كانت تحمله في أيام القديس أوغسطين أو توماس الأكويني . ففي تلك الأيام، اذا قال أحدهم انه مسيحي، هذا يعني أن المرء يعرف تماما ما قصده أي أنه يؤمن بمجموعة معينة من الأفكار الدينية و أنه يؤمن بكل كلمة منها بكل قوته و كل قناعته.
من هو المسيحي؟ أصبح الأمر مختلفا هذه الأيام. بالنسبة لنا فإن المسيحية لا تحمل معنى محدد و لكني أرى وجوب توافر شيئين رئيسيين في الشخص قبل أن يكون مسيحيا و هما: الإيمان بالرب و بالخلود ( و هذا لا يكفي لأن المحمديون – أي المسلمون - يؤمنون أيضا بالرب و بالخلود و لكنهم غير مسيحيون) لذلك يتعين على الشخص أن يؤمن ، في حال عدم الإيمان بإلوهية المسيح، و لو بشكل خفيف جدا بأن المسيح على الأقل هو أفضل و أحكم إنسان. في غير هذه الحالة لا يحق لك أن تطلق على نفسك صفة: مسيحي.
لذلك عندما أتحدث عن لامسيحيتي، يلزم أن أحدثكم عن أمرين: أولهما لماذا لا أؤمن بالرب و لا بالخلود و ثانيا لماذا لا أجد أن المسيح أفضل و أحكم الناس على الرغم من أنني يجب أن اعترف له بدرجة عالية من الأخلاق الدينية.
يعود الفضل إلى جهود المشككين في تعريفي المطاط للمسيحية. كما قلت لكم فإن كلمة مسيحي في الماضي كانت تحمل معنى أكثر حيوية من الآن. فعلى سبيل المثال كان الإيمان بالنار (جهنم) هو جزء من الإيمان المسيحي و ذلك حتى وقت قريب من الآن. أي أنه كان جزءا أساسيا و جوهريا لدى كل مسيحي. كما تعلمون تغير هذا الأمر في هذا البلد (أي بريطانيا) ، بعد القرار الذي صدر عن مجلس الدولة و و الذي لم يوافق عليه أسقف كانتربري و أسقف يورك. طالما في هذا البلد يمكن تغيير المعتقد عبر قرارات البرلمان و بذلك تم إلغاء النار كجزء من المعتقد المسيحي، لن أصر على أن من واجب المسيحي الإيمان بالنار.
وجود الرب:
إذا اقتربنا من السؤال المتعلق بوجود الرب سنجده سؤالاُ ضخماً وجدياً. لو أنني أريد أن أعالج هذا الموضوع بطريقة جيدة، لوجب علي أن أحتفظ بكم هنا إلى يوم القيامة، لذلك اسمحوا لي أن أعالجه بشكل مختصر.
كما تعلمون، وضعت الكنيسة الكاثوليكية الرب كمرتكز إيماني أساسي للمسيحية و قررت أنه يمكن إثبات وجود الرب عن طريق العقل. هذا المبدأ هو شيء عجيب و لكنه جزء من مبادئها. تم إنشاء هذا المبدأ لأن عادة المفكرون المتحررون كانت القول بأن هذه الأسباب العقلية أو تلك تعارض وجود الرب و لكن رغم ذلك و عبر الإيمان هم مؤمنون بوجود الرب. طالت هذه الحوارات و لذلك شعرت الكنيسة الكاثوليكية أن عليها إيقاف ذلك فقررت وضع البراهين القاطعة على إمكانية إثبات وجود الرب بطريقة عقلانية. طبعا هناك الكثير من الفرضيات و لكنني سأعرض منها القليل هنا.
1-برهان المسبب الأول:
حجة المسبب الأول هي الأسهل للفهم، هي تعني: كل شيء نراه في هذا الكون له سبب و عندما نذهب في سلسلة المسببات سنصل إلى المسبب الأول و هو الرب. هذه الفرضية لا تحمل ثقلا كبيرا هذه الأيام و لا تحمل نفس المعنى كما في الأيام الماضية. تطرق الفلاسفة و رجال العلم إلى هذا الموضوع و لذلك فقد هذا المصطلح (المسبب الأول) الكثير من صلاحيته. و لكن و بغض النظر عن ذلك يمكن أن نرى أن حجة المسبب الأول لا تحمل حاليا أي معنى. أعترف أنه خلال وقت شبابي عندما كنت أعطي هذه الأسئلة الكثير من الجدية و الأهمية كنت أعتقد بصحة حجة المسبب الأول إلى أن قرأت ، في عمر ال 18 سنة، سيرة حياة جون ستيوارت ميل حيث وردت الجملة التالية: "علمني والدي أنه لا توجد إجابة عن السؤال: من خلقني؟ لأن السؤال التالي سيكون: من خلق الرب؟" هذه الجملة القصيرة هي التي أوضحت لي مغالطة هذه الحجة. إذا كان لكل شيء مسبب يجب أن يكون للرب مسبب أيضا. إذا وجب وجود شيء بدون مسبب، يستطيع هذا الشيء أن يكون العالم (الكون) كما الرب في هذه الحجة التي بدون معنى. تتشابه هذه الحجة مع حجة الهندوسي الذي يقول أن العالم موجود على ظهر فيل و هذا الفيل يقف على ظهر سلحفاة و عندما سُئل هذا الهندوسي عن السلحفاة، أجاب: لنتحدث عن شيء آخر. حجة المسبب الأول ليست أفضل من ذلك. لا يوجد سبب يمنع الكون من أن يكون وجوده بدون سبب و لا يوجد سبب يجعلنا نقول أن الكون له بداية. الفكرة أن لكل شي بداية هي نتيجة فقر قوة خيالنا. لذلك لن أضيع المزيد من الوقت على حجة المسبب الأول.
2-البرهان عبر القانون الطبيعي:
بالإضافة إلى ذلك توجد حجة القانون الطبيعي التي كانت سائدة خلال القرن الثامن عشر و ذلك تحت تأثير نظريات اسحق نيوتن و آراءه عن نشوء الكون. لاحظ المرء أن الكواكب تدور حول الشمس حسب قانون الجاذبية، لذلك ظن الناس أن الرب أعطى الأمر بالتحرك بهذه الطريقة. كان هذا التفسير سهلا و بسيطا أراح الناس من شروح إضافية لقانون الجاذبية. حاليا نشرح نحن قانون الجاذبية بشكل أكثر تعقيدا و ذلك حسب الطريقة التي وجدها آينشتاين. لن ألقي عليكم الآن محاضرة حول قانون الجاذبية كما يشرحها أينشتاين لأن ذلك سيأخذ وقتا طويلا.يكفي القول أن القوانين الطبيعية التي كانت حسب نظام نيوتن و لأسباب لا يفهمها أحد واحدة في كل مكان هي الآن بالنسبة لنا مجرد قناعات بشرية. أنتم تعرفون أن 1 متر يساوي 100 سم في أظلم بقعة في الكون. بدون شك هذه نتيجة تستحق الملاحظة و لكن هذا الشيء ليس قانونا طبيعيا. الكثير مما كان يُعتقد انه قانون طبيعي هو على هذه الشاكلة. من جهة أخرى عندما يتطرق المرء إلى الذرة و تصرفاتها يستطيع أن يربح وجهة النظر بأن الذرة تتصرف وفق قوانين أقل مما يعتقده. أي أن القيم المتوسطة التي نأخذها منها تتشابه مع القيم التي تأتي عن طريق الصدفة. معروف وجود القانون بأن رمي نردين (حجري زهر) يعطي الرقم 6 معا بمعدل مرة كل 36 رمية و لكن ذلك لا يمكن اعتباره قانونا (أي التحكم بالنتيجة من قبل من يقوم بذلك). على العكس من ذلك لو حصلنا في كل رمية على الرقمين 6 لاستطعنا القول بأن هناك تحكم و رغبة من قبل الفاعل في الحصول على النتيجة. أغلبية قوانين الطبيعة هي على هذه الشاكلة. حسب وجهة النظر الإحصائية هي قيم إحصائية متوسطة تنبثق عن قانون الاحتمالات و بهذا يظهر لنا أن مسألة القانون الطبيعي أقل إدهاشا لنا منها في الماضي. بغض النظر عن هذه الأفكار التي هي الآن المستوى العلمي الحديث و الذي يمكن أن تتغير مستقبلا فإن الفكرة الأساسية لهذه الحجة هو أن هناك صانع قوانين لهذه القوانين الطبيعة و هذا ما يدخل الاضطراب بين القوانين الطبيعية و القوانين البشرية. القوانين البشرية تأمرنا بتصرفات معينة و لكننا نستطيع أن نتبعها أو نتجاهلها بينما القوانين الطبيعة تصف الكيفية الحقيقية لتصرف الأشياء. و لذلك لا يمكن وجوب وجود من أمر الأشياء حسب هذه الطريقة لأنه في حال افتراض ذلك سيأتي السؤال: "لماذا أمر الرب بهذه القوانين الطبيعية و لم يأمر بغيرها؟. عندما تقولون أن ذلك حدث بدون سبب ما، أي لأن ذلك أعجبه، يجب أن تعترفوا بأن هناك شيء ما لا يخضع لهذه القوانين و بالتالي فإن سلسلة القوانين الطبيعية لن تكتمل. و إذا قلتم ، كما المتدينون الأرثوذكسيون: بأن الرب لديه أسبابه الخاصة في ذلك ، و هذا السبب سيكون في هذه الحالة خلق الكون في أحسن صورة، رغم أن المرء و عبر بعض التأمل و التفكر لن يكون على هذا الرأي،أي في حال أن الرب لديه أسبابه الخاصة في خلق الكون فإن هذا الرب سيكون خاضعا لهذه القوانين. و لذلك لا توجد لكم أي فائدة من إعطاء الرب مركز الوسيط بين الطبيعة و القوانين. لأن في هذه الحالة لديكم قانونا خارج القانون الإلهي و الرب في هذه الحالة لا يخدم قضيتكم لأنه ليس صانع القوانين الأول. باختصار فإن حجة القانون الطبيعي ليست أكبر حجما مما سبقها.
سأعرض الآن بشكل متسلسل زمني الحجج التي تم استخدامها من أجل الرب و التي تغيرت مع الزمن.
في البداية كانت الحجج فكرية تحتوي على تصورات خاطئة و لكن و مع تقدم الزمن تفقد هذه الحجج بريقها و تتحول بشكل أقوى إلى ضغط أخلاقي مشوش.
3-الحجة الدينية على وجود الرب:
الخطوة التالية ستكون استعراض البرهان الديني. أنتم تعرفون جميعا أن العالم موجود بطريقة من أجل أن نستطيع أن نعيش فيه. هذه هي حجة تصميم العالم من أجل هدف معين. في بعض الأحيان يأخذ ذلك شكلا عجيبا.لنفترض على سبيل المثال أن الأرانب لها ذيولا بيضاء، كي نستطيع اصطيادها بسهولة. لا أعرف كيف سيكون موقف الأرانب من ذلك؟ أنها حجة تبعث على السخرية. أنتم تعرفون مقولة فولتير بأن الأنف مصنوع على هذه الشاكلة من أجل يحمل النظارة. هذا النوع من الآراء هي بعيدة عن الحقيقة و ليس ذلك فقط خلال القرن الثامن عشر لأننا منذ داروين بدأنا نفهم بشكل أفضل لماذا تتكيف الأحياء مع بيئتها. ليست البيئة هي التي صُنعت من أجل الكائنات الحية إنما الكائنات الحية هي التي تكيفت مع بيئاتها. هذه هي قاعدة التكيف و لا نستطيع أن نرى أنها في ذلك مصنوعة قصدا لتكون على هذه الشاكلة.
عندما ينظر المرء إلى الحجة الدينية بشكل مكثف، انه مدهش: كيف يستطع الناس الإيمان بأن هذا الكون مع كل ما فيه و مع كل أخطائه هو أفضل ما استطاع هذا القادر على كل شي و العارف بكل شيء أن يصنعه خلال ملايين السنين. حقا، لا أستطيع أن أؤمن بذلك. هل تعتقدون بأنه لو كنتم عارفون بكل شيء و لو كنتم قادرين على كل شيء و كذلك معكم من الوقت ملايين السنين من أجل صنع الكون بأفضل شكل ممكن، هل لن تصنعوا أفضل من ال كو كلوكس كلان (Ku-Klux-Klan) أو من الفاشيين؟؟؟ عندما يأخذ المرء قوانين العلم العادية سيجد المرء أن الحياة البشرية على هذا الكوكب و الحياة بشكل عام ستنتهي في نقطة زمنية معينة، أي أنها مرحلة انتقالية في دمار و خراب المجموعة الشمسية. في مرحلة انتقالية معينة تكون البلاسما مناسبة للحياة و ذلك لمرحلة قصيرة من عمر المجموعة الشمسية. القمر يعرض أمام العيون كيف ستكون نهاية الأرض، ميتة، باردة و بلا حياة.
هذا الرأي يسبب بلا شك التشاؤم، كما قيل لي، و بعض الناس قالوا لي أنهم لن يستطيعوا الاستمرار في الحياة عندما يؤمنون بذلك.لا تصدقوا ذلك لأن هذا كلام سخيف. في الحقيقة لا أحد يمعن التفكير بما سيحدث بعد ملايين السنين. حتى في حال أن الناس يعتقدون أنهم مهمومون بشأن ذلك فإنهم يخادعون أنفسهم. إنهم يقلقون بشأن أشياء دنيوية قد لا تكون إلا الهضم السيئ، و لكن الفكرة ،ماذا سيحدث للعالم بعد ملايين السنين، لا تسبب في بؤس و تعاسة أي إنسان. بالرغم من أنها في الحقيقة نظرة قاتمة عندما يرى المرء أن الحياة ستنتهي و رغم ذلك عندما أرى أحيانا ماذا يصنع البشر في حياتهم أرى ذلك (النظرة التشاؤمية) نوعا من التعزية. و لذلك فإن هذه النظرة التشاؤمية لا تتسبب بتعاسة حياتنا إنما تدعونا إلى لفت النظر إلى أشياء أخرى.
4-الحجة الأخلاقية:
نأتي الآن إلى خطوة تالية أسميها التطور الفكري و هي ما يسميه الدينيون في مجادلاتهم بإسم البرهان الأخلاقي على وجود الرب. في الماضي كان هناك ، كما هو معروف، ثلاث براهين عقلية على وجود الرب، تلك التي نقضها ايمانويل كانت Imanuel Kant في كتابه "نقد العقل المحض" و لكنه بعد أن نقضها اخترع البرهان الأخلاقي الذي كان كانت مقتنعا به تماما. كما الكثير من الناس المثقفين كان ايمانويل كانت متشككا و لكنه في أمور الأخلاق كان يؤمن بشكل كامل بالمبادئ التي تلقاها في بداية حياته. هذا يوضح لنا ، كما يردد المحللون النفسيون، التأثير الكبير لمرحلة الطفولة بالنسبة إلى الحياة المستقبلية. كما قلت، اخترع كانت (Kant) برهانا أخلاقيا لوجود الرب كان سائدا كثيرا خلال القرن التاسع عشر بعدة أشكال. المقولة أنه بدون وجود الرب لا يوجد خير أو شر. لن أدخل الآن في موضوع إذا كان هناك فرق بين الخير و الشر لأن ذلك سؤال آخر. المشكلة التي سأتعرض لها الآن هي: إذا كان المرء واثقا تماما أن هناك فرق بين الخير و الشر، يجد المرء نفسه أمام السؤال التالي: هل الفرق بين الخير و الشر له علاقة بقدرة الرب أو لا؟. عندما يكون لهذا الفرق علاقة بقدرة الرب فهذا يعني أن الفرق بين الخير و الشر لا يعني بالنسبة للرب أي شيء و هذا يعني عدم وجود معنى للمقولة أن الرب خير. عندما يقول المرء، كما المتدينون، أن الرب خيّر، يجب على المرء أن يقول أن الخير و الشر لهما معنى لا علاقة له بالرب. لأن أوامر الرب خيّرة و ليست سيئة فهذا يعني أن الخير و الشر لا علاقة لهما بأنه اصدر الأوامر (الخلق), لذلك يجب أن يعترف المرء أن الخير و الشر لم يوجدا من خلال أوامر الرب إنما كانا موجودين، منطقيا، قبل وجود هذا الرب. طبعا يستطيع المرء هنا أن يقول أن هناك آلهة أعلى مقاما من هذا الرب الذي خلق عالمنا هي التي أعطت الأوامر (لخلق الخير و الشر) أو يستطيع المرء أن يأخذ موقف الغنوصيون، الذي أجده أكثر منطقية، و يقول أن العالم خُلق من قبل الشيطان في لحظة غفلة من الرب. هناك الكثير من الأسباب التي يمكن أن يضعها المرء في صحة هذا الرأي و ليست مهمتي أن أدحضها.
5-حجة العدالة التي يجب أن تكون متوازنة:
كذلك هناك حجة غريبة و هي القول أن وجود الرب ضروري من أجل تحقيق العدالة في هذا العالم. في هذا الجزء من الكون، الذي نعرفه، يسود ظلم كبير. في أغلب الحالة يعاني الخيّرون بينما حال الأشرار جيدة و القول أي الوضعين أسوأ هو صعب. إذا وجب أن تسود العدالة في الكون يجب على المرء أن يقول بحياة مستقبلية تفرض عدالة مقارنة مع الحياة الأرضية. لذلك يُفترض وجود الرب و كذلك يُفترض وجود الجنة و النار من أجل أن تسود العدالة المطلقة. هذه حجة غريبة جدا. عندما يرى المرء هذه القضية من الناحية العلمية فإنه سيقول:"في النهاية، أنا أعرف هذا الكون فقط. أنا لا أعرف كيف هي بقية الكون و لكن إذا أخذنا بالاحتمالات سنجد أن هذا العالم (الأرضي) هو عينة جيدة من الكون و أنه إذا كان الظلم هنا سائدا فإن الظلم سيكون سائدا في كل أرجاء الكون. لنفترض أن لدينا صندوق برتقال و أننا قمنا بفتحه لنكتشف أن الطبقة العليا مؤلفة من برتقالات فاسدة، فإننا لن نفترض أن برتقالات الطبقة السفلى ليست فاسدة من أجل أن يتحقق التوازن. على الأغلب أننا سنقول أنه على الأغلب أن برتقالات الصندوق بكاملها فاسدة. بهذه الطريقة سيحكم الإنسان، الذي يفكر بطريقة علمية، على الكون. هذا الإنسان سيقول: في هذا العالم يوجد الكثير من الظلم و هذا سبب كاف لنقول أن العدالة لا تحكم العالم، و هذا يعطينا سببا أخلاقيا ضد الرب و ليس له. طبعا أنا أعرف أن هذه الحجج التي شرحتها لكم هي التي تثير الناس. و لكنها ليست الأسباب التي تدفع الناس للإيمان بالرب لأن أغلبية البشر يؤمنون بالرب لسبب أساسي و هو أنهم تعلموا ذلك في طفولتهم. و السبب الثاني في إيمانهم هو بحثهم عن الأمان، عن نوع من الشعور بوجود أخ أكبر منهم يرعاهم. هذا الأمر له الدور الأكبر في رغبة البشر بالإيمان بالرب.