عماد علي
بين فينة و اخرى نسمع فتاوى عدة صادرة عن الشيوخ و علماء الدين حول مواضيع عديدة سوى كانت سياسية او فكرية او اقتصادية او ثقافية ، و لك منها ذو اهداف و اغراض متنوعة تنبع من المصالح المتعددة لاصحاب شؤون متفاوتة من البلدان و تتحمل كل فتوى تاويلات و تفسيرات متعددة و اكثرها مبهمة للمجتمع و عامة الشعب و الطبقات امسحوقة بشكل خاص.
لكون اصحاب العقول و الايديولوجيات الدينية لا يفصلون بين الدين و الدولة ،لذا فان اي قضية تخص العباد و ما حوله تعتبر من صميم فكرهم ، ولو حسبنا المواقف و القضايا الانية فان غرض اي فتوى يكون معلوما ومن وراءها و لمنفعة من، و منها ما تكون خاصة بالقوا نين و الشريعة و اغلبها تصدر عندما تكون هناك ضغوطات على المعنيين للاصلاح فيما يمس مصالح اولياء الامور و اصحاب الشؤون و الفخامات العليا، و لابد ان تلقي و تحصل على حجج و اعذار و افرة من اجل تثبيت القول و تشريعه و ضمان فعاليته المباشرة على عموم الشعب و خاصة الطبقات الدنيا.
فان كانت الايات العديدة في المصحف ، و الاحاديث المعتبرة تتحمل الكم الهائل من التاويلات و التفسيرات فان الفتاوى تكون حتما منحازة لعقلية و فكر صاحبها و مصلحته و ايمانه و معتقداته، و ان غطت بهالة كبيرة من الشرح و التفسير الا انها في المضمون تنعرج نحو ما مقصود من ورائها ومن اصدارها و تحديد الهدف، و كلنا على العلم بان اختيار الاوقات الملائمة لاصدار العديد من الفتاوى دليل على الاغراض و الاهداف الذاتية او السياسية البحتة منها، و من لديه سلطة الحل والربط يطلق العنان لافكاره و ما يبديه من المواقف الى التصريحات الدينية على هيئة فتاوى سياسية او بتالعكس تماما، و ينتشي المفتون ان احسوا بتاثيرات و ابعاد و انعكاسات فتواهم لحد الافتخار بالنفس و النظرة الى عامة الشعب من العلو، و مشاهدة المستضعفين صغار المغلوبين على امرهم.
هنا لابد ان نذكر ان الفتاوى ام ايديولوجية او سياسية او عقيدية فكرية محصورة بفئة معينة او طيف ما او دينية عامة و لكن غير متفق عليها من الاطراف ، و كل حسب مصادرها المختصة و ينبع و يصدر من المؤسسات المختلفة في المعمورة. و كثيرا ما نشاهد فتاوى كثيرة و من مصادر مختلفة لقضايا بسيطة و غير هامة للشعب بشكل عام و لكنها مهمة للطبقة العليا او الحاكمة و اصحاب السمو و تمس بمصالحهم بشكل مباشر و هي في الشكل و المضمون تافه لحد بعيد و لو تعمقنا بتفسيرها علمياو بشكل واضح من كافة جوانبها.
يجب ان لا يخفى على احد متطلبات الظروف العالمية و ابعاد الصراعات الحضارية المتعددة و احتكاكاتها و مؤثراتها على الجميع، من الناحية السياسية الاقتصادية ، فيسخر المصدر الفكري العقيدي من اجل اغراض اخرى و لضمان استمرارية الوضع المناسب و لصالح المتنفذين على الدوام ، و لعل كثرة و اختلاف الفتاوى حول قضية واحدة دليل على الدوافع المستورة وراء كل منها و الهدف المنشود في اطلاقها ، و لو تعمقنا كثيرا في نوع و اتجاه و منبع اية فتوى تكشف كثيرا من الاهداف و ما المراد من تحديد كل منها و اختيار الوقت لاصدارها.
و ان كانت اية فتوى غير انية و صادرة لاهداف استراتيجية دينية و عقيدية بحتة ، لابد ان يكتشف مل ورائها ، هل هي من اجل الاستقامة و المصالح العامة كما يدعي اصحابها ام كرد فعل لاعمال و افكار او نكاية بمعتقدات و مباديء عقيدية مقدسة اخرى و على الجانب الاخر.كما هو في السياسة ، حتى المصادر تختار من الجهات العليا و حسب المستوى المراد من بيان تاثيرها ، و كانها قضايا سياسية او ترتيب ارضية مرادة لعمل دبلوماسي سياسي مجرد و ليست مبنية على المصادر الالهية المقدسة، و لذلك نشاهد منها ما تكون معتدلة في الفعل و التعبير و اخرى متشددة و حسب الطلب، و الهدف هو الصراع و متطلباته و من الفتاوى التي تخلق الازمات و هي التي تفرض ابداء المواقف و تحديد الاراء و توجيه الموالين لاغراض سياسية و مصلحية و باسم الدين او المذهب او العقيدة.
انني هنا لا يخامرني اي شك في ان النوايا لاتي تعتمد عليها السادة الكرام في الافتاء و هي مخططة ومن وراء الستار ، و لا يهم من يتضرر او الضحايا نتيجة اية فتوى و انما المصالح الذاتية هي العمل الحاسم و بالاخص السياسية الاقتصادية و كثيرا الشخصية في كيفية و نوعية اصدار و دعم اية فتوى ، و لا ننسى ان هناك من الظروف العامة التي تمنع بعض الجهات من الافتاء المباشر حول بعض القضايا العالقة، او المشاكل العالمية ، فهناك الخط الثاني او من هم وراء الستار وهم المواين و بشكل غير مباشر ، و يعملون و دائما هم تحت الطلب في اي وقت و ان، و به يفيدون الاسياد و يتضرر من يعارض بكل الوسائل لحد السيف و القتل، و على الرغم من ذلك لا يتحل المستفيدون اية عوارض او توابع او انعكاسات لها و هم يخرجون من اية ازمة تخلق من اية فتوى كالشعر من العجين سالمين معافين.
لنكن صريحين اكثر، و على الاعتبار ان هذه القضية تهم الجميع و تمس المستضعفين اكثر لنكشف المستور بكل حيادية و بدلائل موثوقة، و عليه يجب تعاون كافة القوى لتحديد المواقف و اعلان ما يضع حدا لهذا العمل و تاثيراته النباشرة ، و لقطع الطرسق امام هذه الافعال لابد من اتباع الخطط والعمل المشترك من اجل نشر الثقافة العامة والمؤمنة بالحياة التقدمية و المستندة على القوانين و الشرائع و الدساتير الوضعية، و قبل اي شي لابد العمل و النضال من اجل فصل الدين عن الدولةو الذي هو الخط الفاصل من حيث اقرار القوانين و التطبيق ، و من ثم التوعية بكافة الوسائل و الطرق للتثقيف العام من اجل تقليل التاثيرات المباشرة لهذه الفتاوى على الجميع و بالاخص الطبقة الكادحة ، وحصرها على رجال الدين و وضع الدين في مكانه الخاص كعمل خلص بالفرد و يجب ان يعطى الحرية له في ما يعتنق او يؤمن، ووخير عمل في هذا الطريق هو الاصرار على ضمان العدالة الاجتماعية و المساواة احترام القانون